جاري تحميل ... الموقع الرسمي لشبكة بني ملال الإخبارية

الموقع الرسمي لشبكة بني ملال الإخبارية

شبكة بني ملال الاخبارية - بني ملال نيوز - الخبر في الحين ، جرأة و مصداقية في تناول الخبر

إعلان الرئيسية






 

أخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة

     

  في البدء كانت تجارة بسيطة ولا شيء غير تجارة تحتمل الربح أو الخسارة، لكنها أصبحت مهنة تقوم على الشطارة لا مكان فيها للبوار، إنها السياسة كلها ربح ولا خوف على سوقها من الكساد، حرفة المنتخب هذه لا تتطلب أكثر من السنطيحة والتنوعير والبحث عن موطئ قدم داخل جماعة أو غرفة، ليحصل صاحبها على الصفة الرسمية، صفة السيد الرئيس أو العضو المنتخب وبعدها ينحث لنفسه مسارا ويرسم طريقه نحو الأعلى، فيضطر للاستيقاظ باكرا كل صباح، ويحلق دقنه بشكل ناعم، ويشنق عنقه بربطة زاهية اللون، يتوجه نحو الجماعة او الغرفة ،يحيي موظفيه وأتباعه، ويشرع في استقبال الناس وهو يوقع الواردات والصادرات من الوثائق والتصاميم والصفقات، ويهفو للحظة يفكر في نصيب أتعاب أنامله المباركة التي زكت ما سبق أن وقعته، فيسترجع وعيه بعد الهفوة الطارئة، متيقنا أن أصابعه تتقن الحساب أكثر من عقله الذي يمكن أن يغفل بعض الملفات من كثرة الجهد والمعاناة اليومية ومن تشابه الوجوه المتوافدة على مكتبه الموقر، تمر الأيام بسرعة تظهر آثار النعمة على السيد الرئيس أو العضو المنتخب تنتفخ أوداجه، يكبر بطنه، يفقد مشيته الأولى التي دخل بها المجلس المبارك، يتساءل الحشريون والحاقدون والناقمون وأولئك الذين لا يحبون أن يروا آثار النعمة والثخمة على أصحاب المجالس وأعضائها، يدور الكلام في مدينة تنام لتصحوا على صبح جديد وقد بعث فيها قارون زمانه الذي لم يرث أرضا خصبة ولا جنة وافرة ثمارها و لم يعثر على كنز من ذهب او فضة  ، ولا نزلت عليه الاموال من السماء، ولم يجرب حظه حتى في ألعاب الحظ من خيول، وكلاب، وجميع أنواع اليانصيب، لقد أصبح هكذا فجأة من أثرياء المدينة أو القرية، فهما معا منكوبتان، فقد جاءهما الدجالون والنصابون والمشعوذون من كل حذب و صوب، نبشوا أسرارهما بحثا عن كنوز، فلم تكن تلك الكنوز غير مجالس، اسوارها مرصودة لمن يسلك مفاتيح أبوابها المطلسمة بطلاسيم الشعارات الجوفاء والوعود الكاذبة، من قرءها جيدا وفك ألغازها حصل على الكنز، فطريقه معبدة بشراء الذمم، فكنزها الأول كان الماء، ومن الماء خرجت كل الحيتان الكبيرة، من باع القبيلة ؟ بأسوارها وباطنها وما فوق أرضها، لقد كان التعاقد الأول بين الأهالي و المنتخبين أن تدفع المدينة في اتجاه الإصلاح، لكن محتويات الكنز كانت مغرية فوقعت الخطيئة ورهنت القبيلة، إلى أن جاء من لا يقبل غير البيع بديلا وهكذا توالت البيوعات محتوية ومتضمنة كل أصناف الغبن والتدليس والمكر والخداع، فسقطت أسوارها وشرعت أبوابها واقتلعت أشجارها، وبقيت لهم الذكرى ولم يفهموا أن القلاع تحتل من الداخل بفعل الخيانة والتواطئ.
إنها حرب بمعنى الكلمة قوامها التدمير وسلاحها التبدير، فكما للحروب تجارها و أغنياؤها، فإن للانتخابات تجارها وأثرياؤها كما لها فقراءها، فالحرب تخلف دمارا وتيتم أطفالا وترمل نساءا. والحرب الانتخابية-  عندنا -  بعدما تحط أوزارها ويظفر الغانمون بمكاسبها، فإنهم يعودون إلى أبراجهم وقلاعهم المحصنة، ويخلفون وراءهم مداشير وقرى منسية وأطفالا بدون مدارس وأمهات بدون مراكز صحية توفر أدنى الشروط الإنسانية لهن. كي لا يحملن فوق النعوش لوضع مواليد غالبا ما لا ترى نور الحياة وسط ظلمة ودخان حروب الاغتناء غير المشروع فهذا صنف من التجار بدأ من الصفر فراكم ثروة لم يسأل عن مصدرها ، و هناك صنف آخر دخل السياسة و ارصدته المالية منتفخة و هدفه حماية مصالحه الخاصة عن طريق التهرب الضريبي و تمرير صفقات في مجالات التجهيز و البناء من خلال امتلاك مفتاح التوقيع ...إنها بكل أسف نتيجة منطقية لحروب محترفي الانتخابات، ومن يتحمل مسؤولية هذا الدمار الشامل.
بعيدا عن كل رؤية سوداوية أو تبرير وردي لواقع يعلو ولا يعلى عليه، فإن نخب من هذا القبيل "محترفو السياسة" وجدوا أرضا خصبة وأعطيتهم كل الوسائل، بما فيها وسائل السقي الموضعي والأسمدة، لكي يشتد عودهم وتمتد جذورهم وتضرب في الأعماق، فيستعصي إقتلاعهم أو تهزهم  ريح ولو كانت رياح تغيير، فهم يتغيرون جينيا ويتكيفون مع كل المتغيرات الجغرافية والمناخية. وكمثال على هذا الوضع، فجهة تادلة أزيلال التي يشنف المسؤولون عنها أذان الناس بأنها تزخر بخيرات وطاقات متعددة ومتجددة وهلم جرا… جهة لم تعرف نهضة صناعية ولو في مجال الفلاحة، فجل الأراضي المنتجة فوتت إلى وافدين من خارجها، لم يعرف كيف راكموا الثروات ؟ وكيف يحضون بامتيازات التفويت بمبرر الاستثمار في كل شيء، إلا الاستثمار في الإنسان الذي يعد ثروة حقيقية لدى الشعوب التي تقدر أبنائها وتحترم إنسانيتهم، فإن كانت هذه جنتكم فلما هذا الفرار الجماعي لأبناء المنطقة في اتجاه قبور تحت الماء؟ أو ضياع وتيه وسط بلدان المهجر ؟ إنهم ببساطة ضحايا تجار الانتخابات الذين ألفوا الصيد في المال السايب من خلال الصفقات المشبوهة التي تشتم روائحها من تحت الجلود ولا يمكن أن تخدع حاسة الشم بتلك الروائح الباريسية الدائعة الصيت.
سيأتي يوم يخرج السيد المنتخب من مكتبه ولا يمكن أن يعود اليه، ان طرحته اللعبة خارج أسوار المجالس ، اذا  توفرت شروط حقيقية وشفافة لممارسة هده اللعبة. فيتبخر سحر المنصب وينقلب السحر على الساحر فيدرك أن جهنم فتحت أبوابها وبئس المصير، وأن ساعة الحساب وصلت .

- تذكير لا بد منه - كل تشابه أو تقارب في الصفات الواردة أعلاه، يبقى مجرد صدفة، فمن انعكست عليه هذه الصفات، فما عليه إلا ان يطلب من المخرج أن يكلفه بدور آخر يبعده عن الواجهة.


التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال