بقلم : نور الدين زوبدي
كان من نتائج الإنتظارية حصول ضبابية في
المشهد السياسي ، حيث أصبح المواطن لا يفرق بين الأحزاب ، نظرا لتشابه البرامج، و
ترديد نفس الخطاب ، و السعي المفضوح إلى تحمل المسؤوليات الحكومية بغض النظر عن
البرنامج الذي ستعتمد وطبيعة الحليف، كل هذه العوامل ساهمت في بناء رأي عام ملتبس
لا يميز بين الحامل لهموم الشعب ، وبين المعادي لمصالحه، و المتربص بخيرات البلاد
، والمتسبب في كل هذه الأزمات التي تعيشها بلادنا .
لقد شكل هذا الوضع الملتبس ( الضبابية ) أساسا لكل ما وقع من تراجع على
جميع الأصعدة ، و ساهم في تمكين الجهات المستغلة كي تستفرد بالسلطة السياسية ، و
تستحود على أهم موارد الثروة ، و قد تأتى لها ذلك ، بعدما أصبح الشعب لا يثق في
الأحزاب والنقابات، مما جعلها تتحرك في الساحة كيف ما تشاء ،دون رقابة شعبية أو
معارضة سياسية ، موظفة المال والنفود في بلوغ أهدافها ، ولعل أخر إستحاقات لخير
دليل على ذلك ، والطريقة التي أعتمدت تجسد طبيعة العقلية المعادية لما تحقق في
مجال الديمقراطية ، وبروز عهد جديد في النكوص والردة ( الإجهاز على المكتسبات ) .
ما السبيل للخروج منها؟
في إعتقادي المتواضع ، تتحمل الأحزاب
السياسية التقدميةو الوطنية مسؤولية البحث عن المخرج ، وعدم الإرتكان إلى الوراء،
وترك الساحة فارغة تلعب فيها الجهات المستغلة دور الماسك بكل مناحي الحياة ، و
تجاوز الخلافات المدهبية و الصراعات الهامشية ، التي وظفت لتشتيت الأحزاب
وتخريبها. كما يتحمل المناضل الوفي والمخلص مسؤولية بث الروح من جديد في التنظيمات
الحزبية ، كي تعود للإشتغال رغم الظروف الصعبة ، وتقلب المزاج الشعبي الرافض لكل
ما هو سياسي بفعل تأثير الضبابية المصطنعة من قبل المعادين لإستقرار البلد و تنميته
وفق عدالة إجتماعية ضامنة للكرامة والعيش الكريم .
المواطن مسؤول بدوره عن هذا الوضع ، لأنه
ابتعد عن العمل السياسي وتركه لأعداء البلد المستغلين والإنتفاعين ، بدعوى أن
الأمور لا تسير في الآتجاه الصحيح ، وسلم أمره إلى المجهول ، و إنصرف إلى مناقشة
الموضوعات التافهة ، و قضاء مصالحه الشخصية لو بطرق غير شرعية و مشرفة ، الشيء
الذي سهل مأمورية عزل الأحزاب والمنظمات النقابية عن الشعب ، لتتحول إلى آطارات
معطلة غير قادرة على لعب دورها الدستوري .