نور الدين زوبدي 2/3
في الجزء الأول تكلمت
عن الوضعية والأسباب و الخلفيات المتحكمة، و أبرزت بأن الإنسان أصبح رهينة في يد
الرأسمال، الذي يستغله و يتحكم في قوته وسقف عيشه ، و قد مكنه من ذلك إستلاءه على
السلطة ( التنفيدية ، التشريعية ) ، بحيث أصبح يشرع القوانين التي تخدم مصالحه ، دون
أن يجد أي مقاومة ، بعدما قضى على الأحزاب الوطنية والتقدمية والنقابات التابعة
لها ( الدراعيين السياسي والإجتماعي) ، وقد مكنه من ذلك تخلي القيادات الحزبية
والنقابية عن المبادىء والقيم ، وإنصارفها إلى البحث عن المكاسب الشخصية ، وهمنته
على الإعلام ( السلطة الرابعة ) و توجيهه لضرب أسس المجتمع المتضامن، ونشر
الفردانية بشكل فاق الحدود إلى درجة أن كل واحد أصبح يفكر لوحده و لا يثق إلا في
نفسه ، مما خلف المناخ المناسب ليكي يلعب الرأسمال في الساحة بالطريقة التي تخدم
أهدافه، وسار يتحكم في الأحزاب والمشهد السياسي ، ولم يترك للمرء الإختيار بعدما
حاصره في العمل و البحث الدائم عن لقمة العيش .
إذن نحن تائهون وسط
بحر الحياة ، نسبح و لا نعرف أين وجهة شاطىء النجاة ، لأننا فقدنا هويتنا وقيمنا و
مبادئنا، وتحولنا إلى كائنات بشرية تعيش بلا أفق ، خائفون و متوجسون من المستقبل ،
لا نتق في بعضنا البعض، و نطعن في كل من يبادر إلى توحيد صفنا ، بسب أزمة الثقة
التي خلقها لنا الرأسمال، كي يتحكم في مصيرنا ، ويضمن إستغلاله لنا . لذلك ما
السبيل إلى عودة قيمنا و مبادئنا النبيلة ؟ و هل ستسحيب نخبنا المثقفة إلى نداء
المجتمع ؟ و تعود لتلعب دورها الطبيعي ؟ و هل يستوعب الرأسمال المرحلة و مخاطرها و
يتراجع ؟ و ما دور السلطة السياسية في إحداث التوازن الذي فقد بسبب الهيمنة
والتغول؟ الإجابة على هذه الأسئلة يتطلب منا مناقشة صريحة و تحليل موضوعي ملامس
للواقع ، لنحدد ماذا نريد أن نفعل كي تتحسن أوضاعنا و نضمن مستقبلا بلا مخاطر
لأولادنا .
بكل صدق وجدت صعوبة
في تقديم أجوبة مقنعة قادرة على تقديم البديل ، و المخرج المناسب للمرحلة ، نظرا
لحالة التردي الخطيرة التي أصبحت تطغى على معاملاتنا وسلوكاتنا، لكن مع ذلك لابد
من إعطاء الإقتراحات القابلة للنقاش و المراجعة ، فالمهم هو المساهمة في تحريك
الراكض ، وكسر الإنتظارية التي لازلت تخيم على حياتنا السياسية والإجتماعية .
الجزء الثالث :
المخارج و الإقتراحات