جاري تحميل ... الموقع الرسمي لشبكة بني ملال الإخبارية

الموقع الرسمي لشبكة بني ملال الإخبارية

شبكة بني ملال الاخبارية - بني ملال نيوز - الخبر في الحين ، جرأة و مصداقية في تناول الخبر

إعلان الرئيسية






 

أخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة


بقلم: حسين شهب
 عندما ماتت الطفلة “إيديا” المنتمية لجغرافية منسية اسمها الجنوب الشرقي ,كتبت إسمها على لائحة تضمنت الكثير من الأسماء قبل “إيديا” كلهم ماتوا جراء الإهمال القاتل و أكاد أجزم أن الائحة لن تقف عند  إيديا
في هذا الجنوب الشرقي من ورزازات إلى أبواب الصحراء يصول “غول” خطير اسمه التهميش ينهش بكل قسوة أجسادا نالت منها كل عوامل تعرية من صنع البشر فلم تترك صغيرا و لا كبيرا إلا جعلته مجرد وعاء بدون روح.
فهذه ورزازات مدينة الأفلام الضخمة ,موطؤ أقدام نجوم الفن السابع,هيوليود إفريفيا و العرب,سيدة القصبات التاريخية,شرفة جبال تيشكا الشاهقة…وتلك زاكورة و تنغير وتزناخت و قلعة مكونة و بولمان دادس وسكورة و أرفود و الريصاني و تنجداد و مرزوكة و الراشيدية …عوالم الأصالة المغربية في الصناعة التقليدية,أرض المناجم المعطاء من ذهب و فضة وحديد ونحاس,وتربة تجود بالكرم الحاتمي باللوز و الزعفران و “الدلاح”و العسل,ومناظر طبيعية أبدع فيها الله سبحانه و تعالى ما تخشع له القلوب و تنبهر به العيون..نعم إنها جغرافية خلقها الله بكل هذا الكرم لتكون كريمة مع أهلها,لكن للأسف الشديد أصبح الجنوب الشرقي سجنا كبيرا لأبناء المنطقة يعاقبون بقانون وضعه جبابرة بطونهم لا تشبع ,يستعلون به على الناس ,يسلبون به أراضيهم,يستعبدونهم في مناجمهم,يحتقرونهم في مكاتبهم..بقانون الجبابرة هذا وفّروا لشباب الفراغ الكثير فانعدم عندهم الإحساس بالزمن ,يومهم يبدأ و كيفما بدأ ينتهي ,لا معنى لأيامهم كالمسجون وربما أيام المسجون أكثر قيمة لأن بعد نهايتها حرية,أجساد يافعة تستهلك نفسها قاعدة تتجمد في عروقها دم الشباب والطموح,ومن استجمع قواه ووقف ,ركب حافلة و هرب نحو فرصة شغل و إن كانت مسح الأحدية تاركا الذهب و الفضة و النحاس و الأحجار و التراب لمن اختارته الدولة بمجهرها الدقيق و لم توصيه بشباب المنطقة خيرا.
الناس في الجنوب الشرقي يموتون أمام باب المستشفى  و يموتون في بيوتهم إن حاصرتهم الوديان و الثلوج و يموتون فوق دوابهم التي لا تسعفها المسالك المهملة لتسرع بصاحبها المريض…الناس في الجنوب الشرقي دراهمهم معدودة منهم من تكفيه لخبزه اليومي,و إن طرأ طارئ  فالله و المحسنون يتكفلون, ومنهم من يعمل يوما و ثلاثة أيام ينتظر…النساء في الجنوب الشرقي لا تعرف شيئا عن مساحيق التجميل و الأنوثة وقصات الشعر,يوم “ثمانية مارس ” حذف من تاريخها ,أصابعها تصلبت ,أقدامها تورمت,ظهرها انكسر لأنها في منطقة منسية موحشة عليها أن تترجّل فيها لتعيش و يعيش أبناؤها..أما الأطفال فقد تحملوا المسؤولية بمجرد ما انتصبت قامتهم لتضيع طفولتهم بين الرعي و السقي و الملابس البالية…الناس في الجنوب الشرقي خالطتهم و عرفتهم جيدا,عطاؤهم لا حدود له , كرمهم حاتمي مكتمل,طيبوبتهم تليّن الحجر,صبرهم أيوبي,أخلاقهم كريمة,وطنيتهم عظيمة…فرفقا بهم إنهم لا يستحقون أن ننساهم,و أرضهم ليست مغربا منسيا فأرض الذهب و الفضة و النحاس و الزعفران و العسل و الزرابي و القصبات…لا يمكن أن تنسى..


التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال