جاري تحميل ... الموقع الرسمي لشبكة بني ملال الإخبارية

الموقع الرسمي لشبكة بني ملال الإخبارية

شبكة بني ملال الاخبارية - بني ملال نيوز - الخبر في الحين ، جرأة و مصداقية في تناول الخبر

إعلان الرئيسية






 

أخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة

 



نورالدين زوبدي 


تُعدّ الرتابة من أبرز السمات التي تطبع واقعنا اليوم، حيث يتجلّى هذا المفهوم في التكرار المستمر للأفعال والمشاهد في مختلف مناحي الحياة. ويعود ذلك إلى توقف روح الاجتهاد والابتكار، واستسهال الاعتماد على ما تم إنجازه سابقًا دون بذل أي مجهود حقيقي في التفكير أو الإنتاج. لقد باتت أيامنا تتشابه إلى حدّ يصعب معه تمييز يوم عن آخر، وهو ما يعمّق شعور الفراغ والجمود.


حتى محاولات كسر هذا النمط الرتيب، عبر خرجات ترفيهية أو أنشطة رياضية، تبقى حلولًا مؤقتة لا تعالج جذور الأزمة. وعلى الرغم من أن الرياضة، خاصة الشعبية منها ككرة القدم، تمنح الناس فسحة من الترويح عن النفس، فإنها لا تملك القدرة على تعويض غياب التجديد الحقيقي في الحياة اليومية، خصوصًا في ظل استمرار الإقصاء، التهميش، وضعف جودة الخدمات العمومية.


ومن الخطأ اختزال الحياة في مجرد توفير لقمة العيش. فالحياة الحقيقية تتجاوز البعد المادي، لتشمل الإحساس بالطمأنينة، والسعادة، والتجدد المستمر. وإذا ما توقفت هذه العناصر أو تعطّلت لفترة من الزمن، فذلك مؤشر على خلل عميق يستدعي التوقف عنده، والبحث عن أسبابه وسبل تجاوزه. فغياب المعنى والتجدد يُفرغ الحياة من روحها، ويحوّلها إلى مجرد سلسلة من التكرارات المرهقة.


ولم تسلم الحياة العامة من هذه الرتابة أيضًا، إذ أصيب النقاش المجتمعي بنوع من الجمود. لم نعد نرى ذلك الحراك الفكري أو السياسي الذي يتبارى فيه الفاعلون على أساس البرامج والأفكار، بل تحوّل المشهد السياسي إلى سعي محموم نحو المناصب والمواقع، في غياب واضح للتنافس حول التوجهات المبدئية والمشاريع المجتمعية الجادة.


كما تراجع دور الإعلام، الذي كان من المفترض أن يكون منبرًا للنقاش الحر ومجالًا لتعدد الأصوات، ليقع تحت تأثير سلطة المال والنفوذ، مما أضعف مصداقيته وأسهم في تمييعه. في ظل هذا الواقع، يبقى تبني مواقف عصرية ومحينة، والدفاع عنها بوعي ومسؤولية، من أبرز السبل لإغناء النقاش العمومي وإخراجه من حالة الركود التي يعيشها.


إن استمرار الكسل، التخاذل، واللامبالاة، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، يشكل تهديدًا حقيقيًا لتماسك المجتمع وتطوره. لذلك فإن كسر حلقة الرتابة يتطلب إرادة قوية، واستعدادًا جماعيًا لإحداث تغيير حقيقي يبدأ من الوعي وينتهي بالفعل.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال