بقلم : نور الدين زوبدي
مع مرور الايام والشهور ، بدأت نتائج الوباء تظهر الى حيز الوجود ، وشعر العديد من المغاربة بتاثيرها على قوتهم اليومي ، حيث خرج جزء منهم الى الشارع ، ليدق ناقوس خطر افلاسه ، بعدما انتظر كثيرا ، ولم تتحسن أوضاعه ، بل ازدادت تدهورا ، بفعل الزيادات المخيفة في عدد الاصابات والوفيات ، وقرارات الاغلاق وتقييد الحركة في بعض المدن .
اعداد ميزانية الدولة هذه السنة ، كان معبرا عن الازمة ، لما اظهرت الارقام عجزا في الناتج الداخلي الخام ، وتوقعا مخيفا بانكماش في الاقتصاد الوطني بفعل تأثير الجائحة وموجة الجفاف الحاد الذي عرفه المغرب هذه السنة .
من خلال القرارات الحكومية المتخذة ، يتضح ان الدولة عاجزة عن ايجاد ما يسد الحاجيات ، حيث تبدو مرتبكة وغير ثابتة في مواقفها ، حيث تراهن على التمكن من اللقاح في اقرب وقت ، لتتخلص من الوباء ، كي تعود عجلة الاقتصاد الى الدوران ، بعد توقف سبب في خسارة فادحة لعدة قطاعات ( السياحة ، الخدماتية ، الفلاحة ......) ، ولعل توقيع الاتفاقيات مع دول بلغت تجاربها المرحلة الثالثة كالصين ودول اخرى ، دليل واضح على المنحى المراهن عليه .
من خلال تطور الحالة الوبائية في العالم ، بات معروفا بأننا مقبلون على موجة اكثر ضراوة ، ستخلف خسائر بشرية واقتصادية ، من الصعب تجاهل تأثيرتها على الانسان ، حيث ستترك وضعا اخرا ، مغايرا لما نعيشه اليوم .
في الصين الشعبية ، مصدر الوباء ، وارض مليار وستة مليون نسمة ، لم نعد نسمع ارقاما مشابهة لما تسجل عندنا ، وذلك راجع بالاساس الى وعي الشعب والتزامه بالتدابير الاحترازية ، وانخراط المجتمع في مقاومة انتشار الفايروس ، مما يطرح تساؤلا مشروعا وهو : كيف حصل في الصين ولم يحصل في غيرها ؟
التعايش مع الحالة الوبائية ، تحول الى خيار وحيد ، لا محيد عنه ، و التزام المواطن بالتدابير الاحترازية هو المخرج من الفاجعة ، التي حلت بنا ، لكن كيف يمكن تحقيق ذلك ؟
من مهام لجنة اعداد النموذج التنموي ، طرح تصور عاجل ، يجيب على التساؤل ، والتسريع بإخراجه الى حيز الوجود ، لأن التأخر في ايجاد الحل المناسب ، قد يسبب في حصول الفاجعة . في اعتقادي المتواضع ، المدخل لن يكون اقتصاديا محضا ، بل يجب ان يكون سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .
سياسيا : ارجاع الثقة الى العمل السياسي ، بتفعيل مساطر المحاسبة ، والتخلص من كل الرموز الفاسدة ، التي اعطت صورة مشوهة لمؤسساتنا ، وصارت حجرة عثرة في كل مبادرة جادة .
اقتصاديا : اطلاق مسلسل الانقاذ من الافلاس لقطاعات عدة ، وتشجيع الصادرات عبر تأطير المنتجين المحليين ( خصوصا في المجال الفلاحي ) ، سيما في الجانب المتعلق بتبسيط المساطر ، وتوفير دعم مشجع لتحقيق عائد مهم من العملة الصعبة .
اجتماعيا : لا شك ان الجائحة قد ابانت عن ضعف في القطاع الصحي و التعليمي ، لذلك من اللازم التفكير بعمق في اعادة بناء هاذين القطاعين ، بالشكل الذي يضمن اداءهما الجيد ، ويحقق ما يطمح اليه المواطن .
يتبع