بقلم: نورالدين زوبدي
الاستمرار في العمل بقرار تعليق الرسوم الجمركية على واردات زيت الزيتون، رغم وفرة الإنتاج المحلي هذا الموسم، يثير الكثير من التساؤلات حول مدى التزام الحكومة بحماية المنتوج الوطني ودعم الفلاح المغربي. فقد سمحت السلطات بدخول كميات كبيرة من زيت الزيتون المستورد، خاصة من دولة تونس، ما اعتُبر من طرف المهنيين "ضربًا صارخًا" لمصالح المنتجين المحليين، الذين يكافحون منذ سنوات آثار الجفاف وتدهور القدرة الإنتاجية.
القرار، الذي تضمن رفع الرسوم الجمركية عن زيت الزيتون التونسي، أثار موجة استياء واسعة في صفوف الفلاحين، الذين حذروا من تداعيات خطيرة على مستقبل القطاع. ويتخوف كثيرون من أن تؤدي هذه الخطوة إلى إغراق السوق وتراجع أسعار المنتوج المحلي، ما قد يدفع آلاف الفلاحين نحو الإفلاس.
لقد تضرر العديد من أرباب المعاصر بشكل مباشر من هذا القرار، حيث هوت أسعار زيت الزيتون إلى مستويات قياسية، جعلت المنتوج المحلي الذي بحوزتهم لا يغطي حتى تكاليف إنتاجه، ما تسبب في خسائر مالية فادحة، وخلق حالة من الإحباط والقلق لدى الفاعلين في القطاع.
ورغم وفرة إنتاج الزيتون هذا الموسم، تستمر الحكومة في السماح باستيراد زيت الزيتون من الخارج، ما يضاعف المخاوف من تكبد الفلاحين وأصحاب المعاصر خسائر فادحة، بسبب المنافسة غير المتكافئة مع منتوجات أجنبية مدعّمة أو منخفضة التكلفة.
معاناة الفلاح اليوم لم تعد مرتبطة فقط بالجفاف وتقلّبات المناخ، بل تفاقمت بسبب قرارات حكومية تُقدّم كحلول لخفض الأسعار، لكنها في الواقع تضرب بشكل مباشر مصالح الفلاح الصغير والمتوسط، وتضعه في مواجهة ضغوط غير مسبوقة.
ويرى العديد من المهنيين أن تحميل الفلاح المغربي كلفة الإجراءات الحكومية الداعمة للقدرة الشرائية بات واقعًا متكرّرًا، كما حدث مؤخرًا مع استيراد كميات كبيرة من المواشي من الخارج، في إطار تهيئة السوق لعيد الأضحى، وهي العملية التي رافقتها فضائح "الفراقشية" والوسطاء، والتي كشفت عن اختلالات في المراقبة وسوء تقدير واضح لتداعيات هذه السياسات على الفلاح المحلي. وبذلك، تضع الحكومة نفسها مرارًا في موقع الخصم المباشر للفلاح، من خلال تغييب مصالحه وعدم الاكتراث بمطالبه.
وما زاد من تعقيد الوضع، وفقًا للمهنيين، أن الزيت المستورد يُعرض في الأسواق دون الإشارة إلى مصدره أو نوعيته، في مخالفة صريحة للقوانين الجاري بها العمل، والتي تفرض احترام شروط الشفافية وتوفير معطيات دقيقة للمستهلك بشأن مصدر وجودة المنتوجات المعروضة.
تعليق قرار حذف الرسوم الجمركية عن واردات زيت الزيتون بات ضرورة مستعجلة، حمايةً للمنتوج الوطني، ودرءًا لمزيد من الغضب والاحتقان في أوساط الفلاحين المتضررين. فالتأخر في تصحيح هذا المسار قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المناطق الفلاحية، ويزيد من فقدان الثقة في السياسات العمومية الموجهة للقطاع.