بعد مرور خمسين سنة على انطلاق المسيرة الخضراء، لا زالت جماعة "الطاح"، التابعة لإقليم طرفاية، رمزا لهذه الملحمة الوطنية. ففي نونبر 1975، تدفق مئات الآلاف من المغاربة، على هذه الجماعة، قادمين من جميع جهات المملكة لعبور الحدود المصطنعة ورفع العلم الوطني عاليا على تخوم الصحراء المغربية، في مشهد ظل محفورا في التاريخ الوطني المعاصر.
وتبوأت "الطاح"، مكانة خاصة في قلوب المغاربة، باعتبارها شكلت نقطة تجمع المتطوعين الذين استجابوا لنداء جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، الذي كان قد دعا، في 6 نونبر 1975، إلى القيام بالمسيرة الخضراء المظفرة.
هناك، في "الطاح"، تجمع حوالي 350 ألف متطوع، مسلحين بالقرآن الكريم والعلم الوطني، في انتظار الإشارة الملكية لعبور الأسلاك الشائكة التي تفصل الأقاليم الصحراوية عن الوطن الأم. وبعد قدومهم على متن الشاحنات والحافلات، أقاموا خيامهم بين طرفاية و"الطاح"، بتأطير وإشراف من القوات المسلحة الملكية.
وبعد مرور خمسين عاما على هذه الملحمة المظفرة، لا تزال هذه الأحداث حية في ذاكرة كل من محمد زويتة وحيدار بوصولة وعبد الله المرواني، الذين يتذكرون جميعا الزخم الوطني الذي حفزهم عندما لبوا النداء الملكي في 5 نونبر 1975.
بكل مشاعر التأثر، يستعيد محمد زويتة (73 عاما)، الذي تم تعيينه كممرض بطرفاية في 1974، أبرز أحداث هذه المغامرة التي شارك فيها إلى جانب مئات الآلاف من المغاربة. واستحضر ، بصفته منسقا للفرق الطبية، التعبئة النموذجية للممرضين المكلفين بتقديم الرعاية والمساعدة للمشاركين.
وأضاف أن تأطير المشاركين تم في طرفاية قبل توجههم إلى جماعة "الطاح"، التي كانت تعتبر آنذاك ضمن الحدود الوهمية الفاصلة بين المغرب وترابه المحتل.
وأشار بحماس كبير إلى عزم المتطوعين على كسر الحواجز المفروضة والتقدم نحو "سبخة أم ضبع" (6 كلم).
وبالنسبة لحيدار بوصولة (68 عاما)، الذي كان في الصف الأول من المشاركين في المسيرة إلى جانب متطوعين قدموا من الرشيدية وزاكورة وورزازات، فإن هذه المسيرة السلمية ستظل محفورة إلى الأبد في الذاكرة الوطنية.
وقال، بنبرة كلها اعتزاز وبلهجة حسانية، "بعد عبور الأسلاك الشائكة أمضينا ثلاث ليال في سبخة أم ضبع، مستعدين للاستمرار إلى غاية العيون".
كما ذكر بأن جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني وجه خطابا إلى الأمة في 9 نونبر للإعلان عن تحقيق المسيرة لهدفها، ودعوة المتطوعين للعودة إلى بيوتهم.
وبنفس مشاعر التأثر، تذكر عبد الله المرواني، أحد أفراد أسرة المقاومة وجيش التحرير، بحنين إلى الماضي قراره، في سن الثالثة والثلاثين، بالتسجيل ضمن المتطوعين في طانطان، على غرار العديد من المواطنين المغاربة المنتمين إلى الأقاليم الجنوبية.
وأكد أن يوم 6 نونبر 1975 شكل نقطة تحول في تاريخ المملكة، إذ حرر المغاربة صحراءهم وهم مسلحون بالقرآن والعلم الوطني.
وأشار المرواني، الذي نظم أكثر من مائة قصيدة وطنية، من بينها "يوم المسيرة الذي لا ينسى"، إلى أن المسيرة الخضراء جسدت بشكل واضح قدرة الشعب المغربي على التعبئة بروح من الوحدة والانضباط والفرح الجماعي.
و م ع
%20(1).png)
